[center]
[عsize=24]خلافة سليمان بن عبدالملك
(96 - 99هـ/ 714- 717م )
لم تطل خلافة سليمان بن عبد الملك كثيرًا، فأوصى بالخلافة من بعده "لعمر بن عبد العزيز"، ابن عمه بدلا من ابنه أيوب لما عرف فيه من ورع وعدل.
سليمان بن عبد الملك بن مروان بن الحكم (54-99 هـ/674-717 م)، الخليفة الأموي السابع ، ولد بدمشق وولي الخلافة يوم وفاة أخيه الخليفة الوليد بن عبد الملك عام 96هـ. ومدة خلافته لا تتجاوز السنتين وسبعة شهور. (حكم: 96-99 هـ/715-717 م). أطلق الأسرى وأخلى السجون واحسن إلى الناس واستخلف عمر بن عبد العزيز. في عهده فتحت جرجان وطبرستان، وجهز جيشا كبيرا وسيره في السفن لحصار القسطنطينية، وتوفي في دابق.
تولى سليمان بن عبد الملك خلافة الدولة الأموية وهي بالغة الازدهار واسعة الثراء غنية بالموارد فسيحة الأرجاء متماسكة البناء مليئة بالرجال وأصحاب المواهب الفذة، وكانت الدولة الأموية في عهد سلفه الكريم الوليد بن عبد الملك قد شهدت اتساعا في الرقعة هيأته لها حركة الفتوح الإسلامية في الشرق والغرب.
أما المشرق فقد قاد فتوحاته "قتيبة بن مسلم الباهلي" فاتح بلاد ما وراء النهر، و"محمد بن القاسم الثقفي" فاتح بلاد السند في شبه القارة الهندية. وأما الغرب فقد حمل لواء الفتح فيه القائدان العظيمان: "موسى بن نصير"، و"طارق بن زياد".
وتمتعت الدولة الأموية بثورة هائلة مكنتها من إقامة نهضة عمرانية وتشييد المساجد الرائعة، ولا يزال المسجد الأموي شاهدا قويا على ما بلغه فن العمارة من رقي وجمال، كما مكنتها هذه الثروة من تقديم خدمات اجتماعية وطبية تُعطى دون أجر للناس، فعينت الدولة لكل مُقعد خادما، ولكل ضرير قائدا يأخذ بيده، ولكل مريض مزمن من يقوم بحاجته.
هكذا كانت الدولة الأموية حين وليها "سليمان بن عبد الملك" بعد وفاة أخيه الوليد في (15 من جمادى الآخرة 99 هـ = 25 من فبراير 715م)، ولم يكن مستغربا أن يستمر سليمان في هذه السياسة الرشيدة التي وضعت الدولة الأموية في المكانة اللائقة بها؛ فقد كان من أكبر أعوان أخيه الوليد ومن أركان دولته، إلى جانب ملكاته الخاصة من حب للجهاد، وجنوح إلى العدل، وفصاحة في اللسان، وقدرة على اختيار الرجال الأكفاء.
سياسة سليمان بن عبد الملك
استهل سليمان بن عبد الملك خلافته بما ينبئ عن سياسته الجديدة؛ فاستعان في إدارة الدولة وتصريف شئونها بعظماء الرجال وصالحيهم، وأحاط نفسه بأهل الرأي والفطنة والدين والعلم من أمثال ابن عمه عمر بن عبد العزيز ورجاء بن حَيْوة.
وفي الوقت الذي استعان بأمثال هؤلاء الرجال العدول الأكفاء استغنى عن رجال الحجاج بن يوسف الثقفي الذي كان يتمتع بثقة أخيه الوليد وتقديره، وكانوا يشغلون إدارات مهمة في الدولة الأموية، ويميلون إلى الشدة والظلم في معاملة الرعية كما كان يفعل الحجاج، غير أنه اشتط في تنفيذ تلك السياسة فنالت من بعض القيادات ذات الأثر العظيم في تاريخ الإسلام، ولم يكن كريما في التعامل معهم حتى وإن ثبت أنهم ارتكبوا بعض الأخطاء، لكن كراهيته للحجاج جعلته يبالغ في التعامل بقسوة مع رجاله وولاته وأهل بيته.
فعزل محمد بن القاسم، وأتي به مقيدا إلى العراق؛ حيث وضع في السجن وظل به إلى أن لقي ربه. ومن العجيب أن هذا البطل الذي قتله أهله وعشيرته حزن عليه أهل السند الذين فتح بلادهم لما رأوا فيه من عدل وسماحة وحرية.
وكذلك صنع بموسى بن نصير حيث أساء معاملته في بادئ الأمر لخلاف حول تقدير الغنائم التي أتى بها من الأندلس، ثم لم يلبث أن عفا عنه، وتحسنت العلاقة بين الرجلين حتى إنه صاحبه في حجته (سنة 97هـ = 716م).
وأما قتيبة بن مسلم وهو من قادة الحجاج بن يوسف الثقفي فقد كان يعلم مقدار كراهية سليمان بن عبد الملك للحجاج، فلما ولي الخلافة خشي قتيبة من انتقامه؛ لأنه وقف إلى جانب الوليد بن عبد الملك حين أراد أن يخلع أخاه سليمان من ولاية العهد ويجعلها لابنه؛ ولذلك عزم قتيبة على الخروج على سليمان وجمع جموعًا لذلك عن رجاله وأهل بيته، لكن حركته فشلت وانتهت بقتله سنة (96 هـ = 715م).
محاولة فتح القسطنطينية
عني الخليفة سليمان بن عبد الملك بفتح القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية، وكان فتحها حلما راود خلفاء الأمويين فخرجت حملتان في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه لهذا الغرض، لكنهما لم تكللا بالنجاح، كانت الأولى في سنة (49 هـ = 669م) والثانية حاصرت المدينة الحصينة سبع سنوات (54-60 هـ = 674 –680م)، وقد سبق أن تناولنا هذا الموضوع مفصلا في التاسع عشر من المحرم.
أعد سليمان بن عبد الملك جيشا عظيما بلغ زهاء مائة ألف جندي، وزوده بنحو ألف وثمانمائة سفينة حربية، وأسند قيادته إلى أخيه مسلمة بن عبد الملك، وأمره بالتوجه إلى القسطنطينية لمحاصرتها، واتخذ سليمان من ][size=24][size=16]شمالي الشام مركزا لقيادته ومتابعة أنباء الحصار، [/size] [/size]
[عsize=24]خلافة سليمان بن عبدالملك
(96 - 99هـ/ 714- 717م )
لم تطل خلافة سليمان بن عبد الملك كثيرًا، فأوصى بالخلافة من بعده "لعمر بن عبد العزيز"، ابن عمه بدلا من ابنه أيوب لما عرف فيه من ورع وعدل.
سليمان بن عبد الملك بن مروان بن الحكم (54-99 هـ/674-717 م)، الخليفة الأموي السابع ، ولد بدمشق وولي الخلافة يوم وفاة أخيه الخليفة الوليد بن عبد الملك عام 96هـ. ومدة خلافته لا تتجاوز السنتين وسبعة شهور. (حكم: 96-99 هـ/715-717 م). أطلق الأسرى وأخلى السجون واحسن إلى الناس واستخلف عمر بن عبد العزيز. في عهده فتحت جرجان وطبرستان، وجهز جيشا كبيرا وسيره في السفن لحصار القسطنطينية، وتوفي في دابق.
تولى سليمان بن عبد الملك خلافة الدولة الأموية وهي بالغة الازدهار واسعة الثراء غنية بالموارد فسيحة الأرجاء متماسكة البناء مليئة بالرجال وأصحاب المواهب الفذة، وكانت الدولة الأموية في عهد سلفه الكريم الوليد بن عبد الملك قد شهدت اتساعا في الرقعة هيأته لها حركة الفتوح الإسلامية في الشرق والغرب.
أما المشرق فقد قاد فتوحاته "قتيبة بن مسلم الباهلي" فاتح بلاد ما وراء النهر، و"محمد بن القاسم الثقفي" فاتح بلاد السند في شبه القارة الهندية. وأما الغرب فقد حمل لواء الفتح فيه القائدان العظيمان: "موسى بن نصير"، و"طارق بن زياد".
وتمتعت الدولة الأموية بثورة هائلة مكنتها من إقامة نهضة عمرانية وتشييد المساجد الرائعة، ولا يزال المسجد الأموي شاهدا قويا على ما بلغه فن العمارة من رقي وجمال، كما مكنتها هذه الثروة من تقديم خدمات اجتماعية وطبية تُعطى دون أجر للناس، فعينت الدولة لكل مُقعد خادما، ولكل ضرير قائدا يأخذ بيده، ولكل مريض مزمن من يقوم بحاجته.
هكذا كانت الدولة الأموية حين وليها "سليمان بن عبد الملك" بعد وفاة أخيه الوليد في (15 من جمادى الآخرة 99 هـ = 25 من فبراير 715م)، ولم يكن مستغربا أن يستمر سليمان في هذه السياسة الرشيدة التي وضعت الدولة الأموية في المكانة اللائقة بها؛ فقد كان من أكبر أعوان أخيه الوليد ومن أركان دولته، إلى جانب ملكاته الخاصة من حب للجهاد، وجنوح إلى العدل، وفصاحة في اللسان، وقدرة على اختيار الرجال الأكفاء.
سياسة سليمان بن عبد الملك
استهل سليمان بن عبد الملك خلافته بما ينبئ عن سياسته الجديدة؛ فاستعان في إدارة الدولة وتصريف شئونها بعظماء الرجال وصالحيهم، وأحاط نفسه بأهل الرأي والفطنة والدين والعلم من أمثال ابن عمه عمر بن عبد العزيز ورجاء بن حَيْوة.
وفي الوقت الذي استعان بأمثال هؤلاء الرجال العدول الأكفاء استغنى عن رجال الحجاج بن يوسف الثقفي الذي كان يتمتع بثقة أخيه الوليد وتقديره، وكانوا يشغلون إدارات مهمة في الدولة الأموية، ويميلون إلى الشدة والظلم في معاملة الرعية كما كان يفعل الحجاج، غير أنه اشتط في تنفيذ تلك السياسة فنالت من بعض القيادات ذات الأثر العظيم في تاريخ الإسلام، ولم يكن كريما في التعامل معهم حتى وإن ثبت أنهم ارتكبوا بعض الأخطاء، لكن كراهيته للحجاج جعلته يبالغ في التعامل بقسوة مع رجاله وولاته وأهل بيته.
فعزل محمد بن القاسم، وأتي به مقيدا إلى العراق؛ حيث وضع في السجن وظل به إلى أن لقي ربه. ومن العجيب أن هذا البطل الذي قتله أهله وعشيرته حزن عليه أهل السند الذين فتح بلادهم لما رأوا فيه من عدل وسماحة وحرية.
وكذلك صنع بموسى بن نصير حيث أساء معاملته في بادئ الأمر لخلاف حول تقدير الغنائم التي أتى بها من الأندلس، ثم لم يلبث أن عفا عنه، وتحسنت العلاقة بين الرجلين حتى إنه صاحبه في حجته (سنة 97هـ = 716م).
وأما قتيبة بن مسلم وهو من قادة الحجاج بن يوسف الثقفي فقد كان يعلم مقدار كراهية سليمان بن عبد الملك للحجاج، فلما ولي الخلافة خشي قتيبة من انتقامه؛ لأنه وقف إلى جانب الوليد بن عبد الملك حين أراد أن يخلع أخاه سليمان من ولاية العهد ويجعلها لابنه؛ ولذلك عزم قتيبة على الخروج على سليمان وجمع جموعًا لذلك عن رجاله وأهل بيته، لكن حركته فشلت وانتهت بقتله سنة (96 هـ = 715م).
محاولة فتح القسطنطينية
عني الخليفة سليمان بن عبد الملك بفتح القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية، وكان فتحها حلما راود خلفاء الأمويين فخرجت حملتان في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه لهذا الغرض، لكنهما لم تكللا بالنجاح، كانت الأولى في سنة (49 هـ = 669م) والثانية حاصرت المدينة الحصينة سبع سنوات (54-60 هـ = 674 –680م)، وقد سبق أن تناولنا هذا الموضوع مفصلا في التاسع عشر من المحرم.
أعد سليمان بن عبد الملك جيشا عظيما بلغ زهاء مائة ألف جندي، وزوده بنحو ألف وثمانمائة سفينة حربية، وأسند قيادته إلى أخيه مسلمة بن عبد الملك، وأمره بالتوجه إلى القسطنطينية لمحاصرتها، واتخذ سليمان من ][size=24][size=16]شمالي الشام مركزا لقيادته ومتابعة أنباء الحصار، [/size] [/size]